تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٤
وجوابه: ما بينا أن هذا لا يليق إلا بضده، وذلك لأن عند الإختلاف لما وجبت البعثة. فلو كان الإتفاق السابق اتفاقا على الكفر لكانت البعثة في ذلك الوقت أولى، وحيث لم تحصل البعثة هناك علمنا أن ذلك الإتفاق كان اتفاقا على الحق لا على الباطل، ثم اختلف القائلون بهذا القول أنه متى كان الناس متفقين على الكفر فقيل من وفاة آدم إلى زمان نوح عليه السلام كانوا كفارا، ثم سألوا أنفسهم سؤالا وقالوا: أليس فيهم من كان مسلما نحو هابيل وشيث وإدريس، وأجابوا بأن الغالب كان هو الكفر والحكم للغالب، ولا يعتد بالقليل في الكثير كما لا يعتد بالشعير القليل في البر الكثير، وقد يقال: دار الإسلام وإن كان فيها غير المسلمين ودار الحرب وإن كان فيها مسلمون.
القول الثالث: وهو اختيار أبي مسلم والقاضي: أن الناس كانوا أمة واحدة في التمسك بالشرائع العقلية، وهي الإعتراف بوجود الصانع وصفاته، والاشتغال بخدمته وشكر نعمته، والاجتناب عن القبائح العقلية، كالظلم، والكذب، والجهل، والعبث وأمثالها.
واحتج القاضي على صحة قوله بأن لفظ النبيين يفيد العموم والاستغراق، وحرف الفاء يفيد التراخي، فقوله: * (فبعث الله النبيين) * يفيد أن بعثه جميع الأنبياء كانت متأخرة عن كون الناس أمة واحدة، فتلك الوحدة المتقدمة على بعثة جميع الشرائع لا بد وأن تكون وحدة في شرعه غير مستفادة من الأنبياء، فوجب أن تكون في شريعة مستفادة من العقل وذلك ما بيناه، وأيضا فالعلم بحسن شكر المنعم، وطاعة الخالق والإحسان إلى الخلق، والعدل، مشترك فيه بين الكل، والعلم بقبح الكذب والظلم والجهل والعبث مشترك فيه بين الكل، فالأظهر أن الناس كانوا في أول الأمر على ذلك، ثم اختلفوا بعد ذلك لأسباب منفصلة، ثم سأل نفسه، فقال: أليس أول الناس آدم عليه السلام وأنه كان نبيا، فكيف يصح إثبات الناس مكلفين قبل بعثة الرسل، وأجاب بأنه يحتمل أنه عليه السلام مع أولاده كانوا مجتمعين على التمسك بالشرائع العقلية أولا، ثم إن الله تعالى بعد ذلك بعثه إلى أولاده، ويحتمل أن بعد ذلك صار شرعه مندرسا، فالناس رجعوا إلى التمسك بالشرائع العقلية، واعلم أن هذا القول لا يصح إلا مع إثبات تحسين العقل وتقبيحه، والكلام فيه مشهور في الأصول.
القول الرابع: أن الآية دلت على أن الناس كانوا أمة واحدة، وليس فيها أنهم كانوا على الإيمان أو على الكفر، فهو موقوف على الدليل.
القول الخامس: أن المراد من الناس ههنا أهل الكتاب ممن آمن بموسى عليه السلام،
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220