قوله [عز وجل]: (سأل سائل) قال المفسرون: نزلت في النضر بن الحارث حين قال:
(اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء)، وهذا مذهب الجمهور، منهم ابن عباس، ومجاهد. وقال الربيع بن أنس: هو أبو جهل. قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر: " سال " بغير همز. والباقون: بالهمز. فمن قرأ: " سأل " بالهمز ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: دعا داع على نفسه بعذاب واقع.
والثاني: سأل سائل عن عذاب واقع لمن هو؟ وعلى من ينزل؟ ومتي يكون؟ وذلك على سبيل الاستهزاء، فتكون الباء بمعنى " عن "، وأنشدوا:
فإن تسألوني بالنساء فإنني * خبير بأدواء النساء طبيب والثالث: سأل سائل عذابا واقعا، والباء زائدة. ومن قرأ بلا همز ففيه قولان.
أحدهما: أنه من السؤال أيضا، وإنما لين الهمزة، يقال: سأل، وسأل، وأنشد الفراء:
تعالوا فسالوا يعلم الناس أينا * لصاحبه أو في أول الدهر نافع والثاني: المعنى: سال واد في جهنم بالعذاب للكافرين، وهذا قول زيد بن ثابت، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن. وكان ابن عباس في آخرين يقرؤون " سال سيل " بفتح السين، وسكون الياء من غير ألف ولا همز. وإذا قلنا: إنه من السؤال، فقوله [عز وجل]: " للكافرين " جواب للسؤال، كأنه لما سأل: لمن هذا العذاب؟ قيل: للكافرين. والواقع: الكائن. والمعنى: أن العذاب الذي سأله هذا الكافر كائن لا محالة في الآخرة ([للكافرين] ليس له دافع من الله) [قال الزجاج: المعنى: ذلك العذاب واقع من الله] للكافرين.