وهذا قبل أن يؤمر بقتالهم، ثم نسخ بآية السيف (إنهم يرونه) يعني: العذاب (بعيدا) غير كائن (ونراه قريبا) كائنا، لأن كل ما هو آت قريب. ثم أخبر متى يكون فقال [عز وجل]: (يوم تكون السماء كالمهل) وقد شرحنا في الكهف (وتكون الجبال كالعهن) أي: كالصوف، فشبهها في ضعفها ولينها بالصوف. وقيل: شبهها به في خفتها وسيرها، لأنه قد نقل أنها تسير على صورها، وهي كالهباء. قال الزجاج: " العهن " الصوف. واحدته: عهنة، ويقال: عهنة، وعهن، مثل: صوفة، وصوف. وقال ابن قتيبة: " العهن " الصوف المصبوغ.
قوله [عز وجل]: (ولا يسأل حميم حميما) قرأ الأكثرون: " يسأل " بفتح الياء. والمعنى:
لا يسأل قريب عن قرابته، لاشتغاله بنفسه. وقال مقاتل: لا يسأل الرجل قرابته، ولا يكلمه من شدة الأهوال. وقرأ معاوية، وأبو رزين، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وابن محيصن، وابن أبي عبلة، وأبو جعفر بضم الياء. والمعنى: لا يقال للحميم: أين حميمك؟
قوله [عز وجل]: (يبصرونهم) أي: يعرف الحميم حميمه حتى يعرفه، وهو مع ذلك لا يسأل عن شأنه، ولا يكلمه اشتغالا بنفسه. يقال: بصرت زيدا كذا: إذا عرفته إياه. قال ابن قتيبة:
معنى الآية: لا يسأل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم يبصرونهم، أي: يعرفونهم. وقرأ قتادة، وأبو المتوكل، وأبو عمران " يبصرونهم " بإسكان الباء، وتخفيف الصاد، وكسرها.
قوله [عز وجل]: (يود المجرم) يعني: يتمنى المشرك لو قبل منه هذا الفداء ([يومئذ] ببنيه، وصاحبته) وهي الزوجة (وفصيلته) قال ابن قتيبة: أي: عشيرته. وقال الزجاج: هي أدنى قبيلته منه. ومعنى (تؤويه) تضمه، فيود أن يفتدي بهذه المذكورات (ثم ينجيه) ذلك الفداء (كلا) لا ينجيه ذلك (إنها لظى) قال الفراء هو اسم من أسماء جهنم، فلذلك ثم يجره وقال غيره:
معناها في اللغة: اللهب الخالص، وقال ابن الأنباري: سميت لظى لشدة توقدها وتلهبها، يقال: هو يتلظى، أي: يتلهب ويتوقد. عليه وكذلك النار تتلظى يراد به هذا المعنى. وأنشدوا: