قال الفراء: فإن كان اسما لرجل على هذا القول، فإنما ترك إجراؤه، لأنه كالعجمي، وقال أبو عبيدة: هما عادان، فالأولى: وهي إرم، وهي التي قال الله تعالى: (وأنه أهلك عادا الأولى) وهل قوم هود عاد الأولى، أم لا؟ فيه قولان قد ذكرناهما في النجم. وفي قوله [عز وجل]:
([إرم] ذات العماد) أربعة أقوال:
أحدها: لأنهم كانوا أهل عمد وخيام يطلبون الكلأ حيث كان، ثم يرجعون إلى منازلهم، فلا يقيمون في موضع، روى هذا المعنى عطاء عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، والفراء.
والثاني: أن معنى ذات العماد: ذات الطول، روي عن ابن عباس أيضا، وبه قال مقاتل، وأبو عبيدة. قال الزجاج: يقال: رجل معمد: إذا كان طويلا.
والثالث: ذات القوة والشدة، مأخوذ من قوة الأعمدة، قاله الضحاك.
والرابع: ذات البناء المحكم بالعماد، قاله ابن زيد. وقيل: إنما سميت ذات العماد لبناء بناه بعضهم.
قوله [عز وجل]: (التي لم يخلق مثلها في البلاد) وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وأبو عمران: " لم تخلق " بتاء مفتوحة ورفع اللام " مثلها " بنصب اللام. وقرأ معاذ القارئ، وعمرو بن دينار: " لم تخلق " بنون مفتوحة ورفع اللام " مثلها " بنصب اللام. وفي المشار إليها قولان:
أحدهما: لم يخلق مثل تلك القبيلة في الطول والقوة، وهذا معنى قول الحسن.
والثاني: المدينة لم يخلق مثل مدينتهم ذات العماد، قاله عكرمة.
وقد جاء في التفسير صفات تلك المدينة. وهذه الإشارة إلى ذلك.
روى وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له شردت، فبينما هو في صحارى عدن وقع على مدينة في تلك الفلوات عليها حصن، وحول الحصن قصور كثيرة.
فلما دنا منها ظن أن فيها أحدا يسأله عن إبله، فلم ير خارجا ولا داخلا، فنزل عن دابته، وعقلها،