والقول الثاني، أن الفعل لغيره، والمعنى: إذا يسري فيه، كما يقال: ليل نائم، أي: ينام فيه، قاله الأخفش، وابن قتيبة. وفي المراد بهذا الليل ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه عام في كل ليلة، وهذا الظاهر.
والثاني: أنه ليلة المزدلفة، وهي ليلة جمع، قاله مجاهد وعكرمة.
والثالث: ليلة القدر، حكاه الماوردي.
قوله [عز وجل]: (هل في ذلك) أي فيما ذكره: (قسم لذي حجر) أي: لذي عقل، وسمي العقل حجرا، لأنه يحجر صاحبه عن القبيح، وسمي عقلا، لأنه يعقل عمالا يحسن، وسمي العقل النهى، لأنه ينهى عما لا يحل. ومعنى الكلام: أن من كان ذا لب علم أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء، فيه دلائل على توحيد الله وقدرته، فهو حقيق أن يقسم به لدلالته. وجواب القسم قوله [عز وجل]: (إن ربك لبالمرصاد) فأعترض به القسم وجوابه قوله: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد) فخوف أهل مكة بإهلاك من كان أشد منهم. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر " بعاد إرم " بكسر الدال من غير تنوين على الإضافة. وفي " إرم " أربعة أقوال أحدها: أنه اسم بلدة، قال الفراء. ولم يجر " إرم " لأنها اسم بلدة ثم فيها ثلاثة أقوال:
1 - أنها دمشق، قاله سعيد بن المسيب، وعكرمة، وخالد الربعي.
2 - الإسكندرية، قاله محمد بن كعب.
3 - أنها مدينة صنعها شداد بن عاد، وهذا قول كعب. وسيأتي ذكره إن شاء الله.
والقول الثاني: أنه اسم أمة من الأمم، ومعناه: القديمة، قاله مجاهد.
والثالث: أنه قبيلة من قوم عاد، قاله قتادة ومقاتل. قال الزجاج: وإنما لم تنصرف " إرم " لأنها جعلت اسما للقبيلة ففتحت، وهي في موضع خفض.
والرابع: أنه اسم لجد عاد، لأنه عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، قاله ابن إسحاق.