قوله [عز وجل]: (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) فيه أربعة أقوال:
[أحدها]: أن الأولى قوله: " ما علمت لكم من إله غيري " والآخرة قوله: " أنا ربكم الأعلى " قاله ابن عباس، وعكرمة، والشعبي، ومقاتل، والفراء. ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
قال ابن عباس: وكان بينهما أربعون سنة. قال السدي: فبقي بعد الآخرة ثلاثين سنة. قال الفراء: فالمعنى: أخذه الله أخذا نكالا للآخرة والأولى.
والثاني: المعنى: جعله الله نكال الدنيا والآخرة، أغرقه في الدنيا، وعذبه في الآخرة، قاله الحسن، وقتادة. وقال الربيع بن أنس: عذبه الله في أول النهار بالغرق، وفي آخرة بالنار.
والثالث: أن الأولى: تكذيبه وعصيانه. والآخرة قوله: " أنا ربكم الأعلى " قاله أبو رزين.
والرابع: أنها أول أعماله وآخرها، رواه منصور عن مجاهد. قال الزجاج: النكال: منصوب مصدر مؤكد، لأن معنى أخذه الله: نكل الله به نكال الآخرة والأولى: فأغرقه في الدنيا ويعذبه في الآخرة.
قوله [عز وجل]: (إن في ذلك) الذي فعل بفرعون (لعبرة) أي عظة (لمن يخشى) الله.
ثم خاطب منكري البعث، فقال [عز وجل]: (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها) قال الزجاج:
ذهب بعض النحويين إلى أن قوله [عز وجل]: (بناها) من صفة السماء، فيكون المعنى: أم السماء التي بناها. وقال قوم: السماء ليس مما توصل، ولكن المعنى: أأنتم أشد خلقا، أم السماء أشد خلقا. ثم بين كيف خلقها، فقال [عز وجل]: (بناها) قال المفسرون: أخلقكم بعد الموت أشد عندكم، أم السماء في تقديركم؟ وهما في قدرة الله واحد. ومعنى: " بناها " رفعها. وكل شئ ارتفع فوق شئ فهو بناء. ومعنى (رفع سمكها) رفع ارتفاعها وعلوها في الهواء (فسواها) بلا شقوق، ولا فطور، ولا تفاوت، يرتفع فيه بعضها على بعض (وأغطش ليلها) أي: أظلمه فجعله مظلما. قال الزجاج: يقال، غطش الليل وأغطش، وغبش وأغبش، وغسق وأغسق، وغشي وأغشى، كله بمعنى أظلم.