من ذكراها) أي: لست في شئ من علمها وذكرها. والمعنى: إنك لا تعلمها (إلى ربك منتهاها) أي: منتهى علمها (إنما أنت منذر من يخشاها) وقرأ أبو جعفر " منذر " بالتنوين. ومعنى الكلام: إنما أنت مخوف من يخافها. والمعنى: إنما ينفع إنذارك من يخافها. وهو المؤمن بها.
وأما من لا يخافها فكأنه لم ينذر (كأنهم) يعني: كفار قريش (يوم يرونها) أي: يعاينون القيامة (لم يلبثوا) في الدنيا. وقيل: في قبورهم (إلا عشية أو ضحاها) أي: قدر آخر النهار من بعد العصر، أو أوله إلى أن ترتفع الشمس. قال الزجاج: والهاء والألف في " ضحاها " عائد إلى العشية. والمعنى: إلا عشية، أو ضحى العشية. قال الفراء:
فإن قيل: للعشية ضحى، إنما الضحى لصدر النهار؟.
فالجواب: أن هذا ظاهر في كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية، أو غداتها، أو آتيك الغداة أو عشيتها، فتكون العشية في معنى " آخر "، والغداة في معنى " أول ". أنشدني بعض بني عقيل:
نحن صبحنا عامرا في دارها * عشية الهلال أو سرارها أراد: عشية الهلال، أو عشية سرار العشية، فهذا أشد من قولهم: آتيك الغداة أو عشيتها.