وأثيبكم عليه أفضل الثواب (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا)، أي: فصلناه في الإنزال، فلم ننزله جملة واحدة (فاصبر لحكم ربك) قد سبق بيانه في مواضع. والمفسرون يقولون: هو منسوخ بآية السيف، ولا يصح قوله (ولا تطع منهم) أي: من مشركي أهل مكة (آثما أو كفورا) " أو " بمعنى الواو، كقوله (أو الحوايا) وقد سبق بيان هذا وللمفسرين في المراد بالآثم وفي الكفور ثلاثة أقوال.
أحدها: أنهما صفتان لأبي جهل.
والثاني: أن الآثم: عتبة بن ربيعة، والكفور الوليد بن المغيرة. والثالث: الآثم: الوليد.
والكفور: عتبة، وذلك أنهما قالا له: ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج. قوله (واذكر اسم ربك) أي: أذكره بالتوحيد في الصلاة (بكرة) يعني: الفجر (وأصيلا) يعني: العصر.
وبعضهم يقول: الظهر والعصر (ومن الليل فاسجد له) يعني: المغرب والعشاء. (وسبحه ليلا طويلا) وهي: صلاة الليل كل فريضة عليه، وهي لأمته تطوع (إن هؤلاء) يعني: كفار مكة (يحبون العاجلة) أي يعني: الدار العاجلة، وهي الدنيا (ويذرون وراءهم) يعني: أمامهم (يوما ثقيلا) أي:
عسيرا شديدا. والمعنى: أنهم يتركون الإيمان به، والعمل له. ثم ذكر قدرته، فقال [عز وجل]: (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم) أي: خلقهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. قال ابن قتيبة: يقال: امرأة حسنة الأسر، أي: حسنة الخلق كأنها أسرت أي:
شدت. وأصل هذا من الإسار، وهو: القد. يقال: ما أحسن ما أسر قتبه، أي: ما أحسن ما شده.
وروي عن أبي هريرة قال: مفاصلهم. وعن الحسن قال أوصالهم بعضا إلى بعض بالعروق والعصب قوله (وإذا شئنا بدلنا أمثالهم) أي: إذا شئنا أهلكناهم وأتينا بأشباههم، فجعلناهم بدلا منهم (إن هذه تذكرة) وقد شرحنا الآية في المزمل.
قوله [عز وجل]: (وما تشاؤون) إيجاد السبيل (إلا أن يشاء الله) ذلكم، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، " وما يشاؤون " بالياء.
قوله [عز وجل]: (يدخل من يشاء في رحمته) قال المفسرون: الرحمة ها هنا: الجنة (والظالمون) المشركون. قال أبو عبيدة: نصب " الظالمون " بالجواب المعنى: ولا يدخل الظالمين في رحمته. وقال الزجاج: إنما نصب " الظالمين " لأن فعله منصوبا. المعنى: يدخل من يشاء في رحمته، ويعذب الظالمين، فيكون قوله [عز وجل] (أعد لهم) تفسيرا لهذا المضمر، وقرأ أبو العالية، وأبو الجوزاء، وابن أبي عبلة " والظالمون " رفعا.