فقال: فالمقسمات أمرا فقال: الملائكة.
ومع هذه الحال فهناك تفاسير أخر يمكن ضمها إلى هذا التفسير، منها أن المراد ب " الجاريات " هي الأنهار التي تجري بماء المزن و " المقسمات أمرا " هي الأرزاق التي تقسم بواسطة الملائكة عن طريق الزراعة.
وعلى هذا فإن الكلام عن الرياح ثم الغيوم وبعدها الأنهار وأخيرا نمو النباتات في الأرض يتناسب تناسبا قريبا مع مسألة المعاد، لأننا نعرف أن واحدا من أدلة إمكان المعاد هو إحياء الأرض الميتة بنزول الغيث وقد ذكر ذلك عدة مرات في القرآن بأساليب مختلفة.
كما يرد هذا الاحتمال أيضا: وهو أن هذه الأوصاف الأربعة جميعها للرياح - الرياح المولدة للسحب، والرياح التي تحملها على متونها، والرياح التي تجري بها إلى كل جانب، والرياح التي تنثر وتقسم قطرات الغيث لكل جهة (1)!.
ومع ملاحظة أن هذه التعبيرات الواردة في الآيات جميعها جامعة وكلية فيمكن أن تحمل المعاني آنفة الذكر كلها، إلا أن التفسير الأساس هو التفسير الأول.
وهنا ينقدح هذا السؤال.. وهو:
إذا كان المراد من " المقسمات " هو الملائكة فماذا تقسم الملائكة؟!
نجيب على هذا السؤال أن تقسيم العمل هنا لعله راجع إلى كل التدبير في العالم بحيث أن جماعات من الملائكة مأمورة بتدبير أموره، كما يحتمل أنها مأمورة بتدبير الأرزاق، أو تقسيم قطرات الغيث على المناطق المتعددة في الأرض (2).