وهل ينتظر أن يجازى من عمل عملا صالحا في الدنيا بغير الإحسان الإلهي؟
وبالرغم من أن بعض الروايات الإسلامية فسرت " الإحسان " في هذه الآية بالتوحيد فقط، أو التوحيد والمعرفة، أو الإسلام. إلا أن الظاهر أن كل واحد في هذه التفاسير هو مصداق لهذا المفهوم الواسع الذي يشمل كل إحسان في العقيدة والقول والعمل.
جاء في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " آية في كتاب الله مسجلة. قلت:
وما هي؟ قال: قول الله عز وجل: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليس المكافأة أن تصنع كم صنع حتى تربي، فإن صنعت كما صنع كان له الفضل في الابتداء " (1).
وبناء على هذا فالجزاء الإلهي في يوم القيامة يكون أكثر من عمل الإنسان في هذه الدنيا. وذلك تماشيا مع الاستدلال المذكور في الحديث أعلاه.
يقول الراغب في المفردات: الإحسان فوق العدل، وذاك أن العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله، والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له فالإحسان زائد على العدل..
ويتكرر قوله سبحانه مرة أخرى: فبأي آلاء ربكما تكذبان.
وذلك لأن جزاء الإحسان بالإحسان نعمة كبيرة من قبل الله تعالى، حيث يؤكد سبحانه أن جزاءه مقابل أعمال عباده مناسب لكرمه ولطفه وليس لأعمالهم، مضافا إلى أن طاعاتهم وعباداتهم إنما هي بتوفيق الله ولطفه، وبركاتها تعود عليهم.
* * *