هذا الإنسان حاضر لدي: وقال قرينه هذا ما لدي عتيد فيكشف الستار عن كل صغيرة وكبيرة صدرت منه.
ولكن ما المراد من " قرينه "؟ للمفسرين أقوال كثيرة، إلا أن أغلبهم يرى أن المراد منه هو الملك الذي يرافق الإنسان في الدنيا والذي كان مأمورا بتسجيل أعماله وضبطها ليشهد عليه هناك في محكمة عدل الله.
والآيات السابقة التي كانت تشير إلى أن من يرد عرصات المحشر فإن معه سائقا يسوقه وشهيدا يشهد عليه، تدل على هذا المعنى أيضا. زد على ذلك لحن الآية نفسها والآية التي تليها تتناسبان مع هذا المعنى أيضا [فلاحظوا بدقة].
إلا أن بعض المفسرين ذكر أن المراد من قرينه هو " الشيطان "، لأن كلمة " قرين " أطلقت في كثير من آيات القرآن على الشيطان الذي يصطحب الإنسان..
فيكون معنى الآية على هذا التقدير هكذا: " وقال الشيطان قرين الإنسان: " إنني أعددت هذا المجرم لجهنم وبذلت أقصى ما في وسعي من جهد في هذا السبيل ".
إلا أن هذا المعنى لا أنه لا يتناسب مع الآيات السابقة واللاحقة فحسب، بل لا ينسجم مع تبرئة الشيطان نفسه من إغوائه الإنسان على الذنب كما تصرح بذلك الآية الواردة بعد عدة آيات من هذه الآية محل البحث.
فطبقا لهذا التفسير للآية فإن الشيطان يعترف بمسؤوليته في إغواء الإنسان، والحال أن الآيات المقبلة نقرأ فيها قوله: وقال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد فيقع التضاد بين القولين كما تلاحظون.
وهناك تفسير ثالث وهو أبعد مما ذكر آنفا ولا قرينة عليه أبدا، وهو أن المراد من " قرينه " هو من رافق الإنسان في حياته من البشر!!
ثم يخاطب الله الملكين المأمورين بتسجيل أعمال الإنسان فيقول لهما:
ألقيا في جهنم كل كفار عنيد.
كلمة " عنيد " مشتقة من العناد، ومعناها التكبر وحب الذات وعدم الخضوع