التعامل إلا ما تدور في أذهانهم من أوهام؟ فهم يتبعون ما يتوهمون فرارا من تحمل المسؤولية.
وبعد هذا تأتي الآية الأخرى لتبين اعتراض القرآن الشديد على ذلك، وبيان لأصل كلي مطرد في الأديان السماوية كلها فتقول: ترى أهذا الذي إمتنع عن الإنفاق أو الإيمان بالوعود الخيالية. ويريد أن يخلص نفسه من عذاب الله بإنفاقه اليسير والزهيد من أمواله، أتغنيه هذه الخيالات والتصورات: أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى (1).
" إبراهيم ": هو ذلك النبي العظيم الذي أدى حق رسالة الله، وبلغ ما أمره به ووفى بجميع عهوده ومواثيقه، ولم يخش تهديد قومه وطاغوت زمانه، ذلك الإنسان الذي امتحن بمختلف الامتحانات حتى بلغ به أن يقدم ولده ليذبحه بأمر الله، وخرج منتصرا مرفوع الرأس من جميع هذه الامتحانات ونال المقام السامي لقيادة الأمة.. كما نقرأ هذا المعنى في الآية (124) من سورة البقرة إذ تقول: وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما.
وقال بعض المفسرين في توضيح معنى الآية: أنه بذل نفسه للنيران وقلبه للرحمن وولده للقربان وماله للاخوان (2).
ثم تأتي الآية الأخرى لتقول: ألا تزر وازرة وزر أخرى.
" الوزر " في الأصل مأخوذ من " الوزر " - على زنة خطر - ومعناه المأوى أو الكهف أو الملجأ الجبلي، ثم استعلمت هذه الكلمة في الأعباء الثقيلة! لشباهتها الصخور الجبلية العظيمة، وأطلقت على الذنب أيضا، لأنه يترك عبئا ثقيلا على ظهر الإنسان.