فمع أننا كنا نعيش بين ظهراني أهلنا وكان ينبغي أن نحس بالأمان والطمأنينة، إلا أننا كنا مشفقين.. مشفقين أن تحدق بنا الحوادث المزعجة والمكدرة لحياتنا وأن يصيبنا عذاب الله على حين غرة في أية لحظة.
مشفقين أن يسلك أبناؤنا طريق الضلال، فيتيهوا في مفازة جرداء ويتحيروا!
مشفقين أن يفجؤنا أعداؤنا القساة ويضيقوا علينا الميدان! ولكن الله من علينا برحمته الواسعة: فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم:
أجل: من الله الرحيم علينا فنجانا من سجن الدنيا ووحشتها، وأنعم علينا في دار القرار وجنات النعيم.
وحين يتذكرون ماضيهم وجزئياته ويقيسونه بما هم عليه من حالة منعمة!
يعرفون قدر نعم الله ومواهبه الكبرى أكثر، وستكون تلك النعم ألذ وأدعى للقلب، لأن القيم تتجلى أكثر في القياس بين نعم الدنيا ونعم الآخرة.
والكلام الذي ينقله القرآن على لسان أهل الجنة هنا يشير إلى اعترافهم بهذه الحقيقة وهي أن كون الله برا رحيما يعرفه أهل الجنة في ذلك الزمان أكثر من أي وقت مضى فيقولون: إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم.
إلا أننا نعرف هذه الصفات الآن بشكل واقعي أكثر مما كنا نعرفها، إذ شملنا برحمته العظيمة قبال هذه الأعمال التي لا تعد شيئا وأحسن إلينا مع كل تلك الذنوب الكثيرة!.
أجل إن عرصة القيامة ونعم الجنة مدعاة لتجلي صفات الله وأسمائه، والمؤمنون يتعرفون في عرصة القيامة على حقيقة أسماء الله تعالى وصفاته أكثر من أي زمن آخر.
حتى الجحيم أيضا تبين صفاته وحكمته وعدله وقدرته!
* * *