الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٧ - الصفحة ١٦٦
الإفراط أو التفريط بها.. إضافة إلى كل ذلك لا يحصل عليها بمشقة، ولا يخاف من انتهائها، ولذلك فهي هنيئة! (1).
ومن المعلوم أن أطعمة الجنة هنيئة بذاتها، ولكن قول الملائكة لأهل الجنة " هنيئا " هذا القول له لطفه وعذوبته الخاصة.
والنعمة الأخرى التي يتمتع بها أهل الجنة هي كونهم: متكئين على سرر مصفوفة.
فهم يلتذون بالاستئناس إلى أصحابهم والمؤمنين الآخرين، وهذه لذة معنوية فوق أية لذة أخرى!.
و " سرر " جمع سرير، وأصل المادة هو " السرور " وتطلق السرر على الكراسي المهيأة لمجالس السرور ليتكأ عليها.
و " مصفوفة " من مادة صف، ومعناها أن هذه السرر مرتبة واحدا إلى جنب الآخر ويتشكل منه مجلس عظيم للانس.
ونقرأ في آيات متعددة من القرآن أن أهل الجنة يجلسون على سرر متقابلين. [الحجر الآية 47 والصافات الآية 44].
وهذا التعبير لا ينافي ما ورد في هذه الآية محل البحث، لأن مجالس الانس والسرور ترتب الأسرة فيها على شكل مستدير ومصفوفة جنبا إلى جنب، فجلاسها على سرر مصفوفة متقابلون!.
والتعبير ب‍ " متكئين " إشارة إلى منتهى الهدوء، لأن الإنسان عند الهدوء يتكئ عادة، والذين هم في قلق وحزن لا يرون كذلك!.
ثم يضيف القرآن بأنا زوجناهم من نساء بيض جميلات ذوات أعين واسعة وزوجناهم بحور عين (2).

1 - يقول الراغب في مفرداته: الهنيئ كل ما لا يلحق فيه المشقة ولا يعقبه وخامة..
2 - " الحور ": جمع (حوراء) وأحور، فهو جمع للمذكر والمؤنث سواء، ويطلق على من حدقة عينه سوداء وبياضها شفاف أو هو كناية عن الجمال، لأن الجمال يتجلى في العينين قبل كل شئ، والعين جمع لأعين وعيناء معناه العين الواسعة، وهكذا فإن الحور العين مفهوما واسع يشمل الأزواج جميعا الذكور والإناث من أهل الجنة فالذكور للإناث وبالعكس.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست