تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٧٧
لم يشق عليه السلام فما بكلام إلا ولربه فيه نصيب أو كل النصيب إلا ما أصدره من الامر بقوله: " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " فأمرهم بالدخول وحكم لهم بالأمن، ولم يستتم الكلام حتى استثنى فيه بمشيئة الله لئلا يوهم الاستقلال في الحكم دون الله، وهو عليه السلام القائل: " إن الحكم إلا لله ".
ثم شرع في الثناء على ربه فيما جرى عليه منذ فارقهم إلى أن اجتمع بهم وبدأ في ذلك بقصة رؤياه وتحقق تأويلها وصدق فيه أباه لا فيما عبرها به فقط بل حتى فيما ذكره في آخر كلامه من علم الله وحكمته توغلا منه في الثناء على ربه حيث قال له أبوه: " وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك - إلى أن قال - إن ربك عليم حكيم " (يوسف: 6) وقال له يوسف هيهنا بعد ما صدقه فيما عبر به رؤياه: " إن ربى لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم " (يوسف: 100).
ثم أشار إلى إجمال ما جرى عليه ما بين رؤياه وتأويلها فنسبها إلى ربه ووصفها بالحسن وهو من الله إحسان، ومن ألطف أدبه توصيفه ما لقى من إخوته حين ألقوه في غيابة الجب إلى أن شروه بثمن بخس دراهم معدودة، واتهموه بالسرقة بقوله: " نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ".
ولم يزل يذكر نعم ربه ويثنى عليه ويقول: ربى وربى حتى غشيه الوله وأخذته جذبة إلهية فاشتغل بربه وتركهم كأنه لا يعرفهم، وقال: " رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث، فأثنى على ربه بحاضر نعمه عنده، وهو الملك والعلم بتأويل الأحاديث، ثم انتقلت نفسه الشريفة من ذكر النعم إلى أن ربه الذي أنعم عليه بما أنعم لأنه فاطر السماوات والأرض، ومخرج كل شئ من العدم البحت إلى الوجود من غير أن يكون لشئ من الأشياء جدة من نفسه يملك به ضرا أو نفعا أو نعمة أو نقمة أو صلاحية أن يدبر أمر نفسه في دنيا أو آخره.
وإذ كان فاطر كل شئ فهو ولى كل شئ، ولذلك ذكر بعد قوله: " فاطر السماوات والأرض " أنه عبد داخر لا يملك تدبير نفسه في دنيا ولا آخرة بل هو تحت ولاية الله سبحانه يختار له من الخير ما يشاء ويقيمه أي مقام أراد فقال: " أنت وليى في الدنيا والآخرة " وعندئذ ذكر ما له من مسألة يحتاج فيها إلى ربه وهو أن ينتقل من الدنيا
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376