تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٧٩
شريعته وكان الامر في عصيان آدم وزوجته على هذه الوتيرة فقد ظلما أنفسهما بالاكل من الشجرة قبل أن يشرع الله شريعة بين النوع الانساني فإنما أسس الله الشرائع كائنة ما كانت بعد هبوطهما من الجنة إلى الأرض.
ومجرد النهى عن اقتراب الشجرة لا دليل على كونه مولويا مستلزما لتحقق المعصية المصطلحة بمخالفته، مع أن القرائن قائمة على كون النهى المتعلق بهما إرشاديا كما في آيات سورة طه على ما بيناه في تفسير قصة جنة آدم في الجزء الأول من الكتاب.
على أن الكتاب الإلهي نص في كون موسى عليه السلام مخلصا، وأن إبليس لا سبيل له إلى إغواء المخلصين من عباد الله تعالى ومن الضروري ان لا معصية بدون إغواء إبليس قال الله تعالى: " واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا " (مريم: 51) وقال تعالى " " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين " (ص: 83).
ومن هنا يظهر أن المراد بالمغفرة المسؤولة في دعائه كما في دعائهما (ع) ليست هي إمحاء العقاب الذي يكتبه الله على المجرمين كما في المعاصي المولوية بل إمحاء الآثار السيئة التي كان يستتبعها الظلم على النفس في مجرى الحياة فقد كان موسى عليه السلام يخاف أن يفشو أمره ويظهر ما هو ذنب له عندهم فسأله تعالى أن يستر عليه ويغفره، والمغفرة في عرف القرآن أعم من إمحاء العقاب بل هي امحاء الأثر السيئ كائنا ما كان، ولا ريب أن أمر الجميع بيد الله سبحانه.
ونظير هذا من وجه قول نوح عليه السلام فيما تقدم منن دعائه " وإن لم تغفر لي وترحمني " أي وإن لم تؤدبني بأنك، ولم تعصمني بعصمتك ووقايتك وترحمني بذلك أكن من الخاسرين، فافهم ذلك.
ومنه دعاؤه عليه السلام أول ما القي إليه الوحي وبعث بالرسالة إلى قومه على ما حكاه الله قل تعالى: " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا " (طه: 35 ".
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376