الحسنى كالغفور والرحيم وسميع الدعاء، وكرر اسم الرب كلما ذكر حاجة من حوائجه فإن الربوبية هي السبب الموصول بين العبد وبين الله تعالى، وهو المفتاح لباب كل دعاء.
ومن أدبه فيه قوله: " ومن عصاني فإنك غفور رحيم " حيث لم يدع عليهم بشئ يسوء غير أنه ذكر مع ذكرهم اسمين من أسماء الله تعالى هما الواسطتان في شمول نعمة السعادة على كل إنسان أعني الغفور الرحيم حبا منه لنجاة أمته وانبساط جود ربه.
ومن ذلك ما حكاه الله عنه وعن ابنه إسماعيل وقد اشتركا فيه، وهو قوله تعالى:
" وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا منا سكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " (البقرة: 129).
دعاء دعوا به عند بنائهما الكعبة، وفيه من الأدب الجميل ما في سابقه.
ومن ذلك ما حكاه الله عن إسماعيل عليه السلام في قصة الذبح قال تعالى: " فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ معه السعي قال يا بنى إني أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " (الصافات: 102).
وصدر كلامه وإن كان من أدبه مع أبيه إلا أن الذيل فيما بينه وبين ربه على أن التأدب مع مثل إبراهيم خليل الله عليه السلام، تأدب مع الله تعالى.
وبالجملة لما ذكر له أبوه ما رآه في المنام، وكان أمرا إلهيا بدليل قول إسماعيل:
" أفعل ما تؤمر " أمره أن يرى فيه رأيه، وهو من أدبه عليه السلام مع ابنه فقال له إسماعيل:
" يا أبت افعل ما تؤمر، الخ " ولم يذكر أنه الرأي الذي رآه هضما لنفسه وتواضعا لأبيه كأنه لا رأى له قبال رأيه ولذلك صدر القول بخطابه بالأبوة، ولم يقل: " إن شئت فافعل ذلك ليكون مسألته القطعية تطييبا لنفس أبيه، ولأنه ذكر في كلامه أنه أمر أمر به إبراهيم، ولا يتصور في حق مثله أن يتروى أو يتردد في فعل ما أمر به دون أن يمتثل أمر ربه.