" ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ".
وهذا الدعاء الذي أدى إلى تشريع الحرم الإلهي وبناء الكعبة المقدسة التي هي أول بيت وضع للناس ببكة مباركة وهدى للعالمين هو إحدى ثمرات همته العالية المقدسة التي أمتن به على من بعده من المسلمين إلى يوم القيامة.
ومما دعا عليه السلام دعاؤه في آخر عمره على ما حكاه الله تعالى بقوله: " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم، ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة ة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء، الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربى لسميع الدعاء، رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " (إبراهيم: 41).
وهذا مما دعا عليه السلام به في أواخر عمره الشريف وقد بنيت بلدة مكة، والدليل عليه قول فيه: " الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق وقوله: " اجعل هذا البلد آمنا " ولم يقل كما في دعائه السابق: " واجعل هذا بلدا آمنا ".
ومما استعمل فيه من الأدب تمسكه بالربوبية في دعائه، وكلما ذكر ما يختص بنفسه قال: " رب " وكلما ذكر ما يشاركه فيه غيره قال: " ربنا ".
ومن الأدب المستعمل في دعائه أن كلما ذكر حاجة من الحوائج يمكن أن يسأل لغرض مشروع أو غير مشروع ذكر غرضه الصحيح من حاجته، وفيه من إثارة الرحمة الإلهية ما لا يخفى فلما قال: " اجنبني وبنى " " الخ "، ذكر بعده قوله: " رب إنهن أضللن " (الخ)، وحيث قال: " ربنا إني أسكنت " (الخ)، قال بعده: " ربنا ليقيموا الصلاة " وإذ دعا بقوله: " فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات " ذيله بقوله: " لعلهم يشكرون ".
ومن أدبه فيه أنه أردف كل حاجة ذكرها بما يناسب مضمونها من أسماء الله