تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٨١
والدعاء بالشر غير الدعاء بالخير حكما فإن الرحمة الإلهية سبقت غضبه وقد قال لموسى فيما أوحى إليه:: " عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ " (الأعراف:
156) فسعة الرحمة الإلهية تقضى بكراهية إصابة الشر والضر لعبد من عباده وإن كان ظالما، يشهد بذلك ما يفيض الله سبحانه من نعمه عليهم وسترهم بكرمه وأمره عباده بالحلم والتصبر عند جهالتهم وخرقهم اللهم إلا في إقامة حق لازم، أو عند اضطرار في مظلمة إذا كانوا على علم بأن مصلحة ملزمة كمصلحة الدين أو أهل الدين تقتضي ذلك.
على أن جهات الخير والسعادة كلما كانت ارق لطافة وأدق رتبة كانت أوقع عند النفوس بالفطرة التي فطر الله الناس عليها بخلاف جهات الشر والشقاء فإن الانسان بحسب طبعه يفر من الوقوف عليها، ويحتال أن لا يلتفت إلى أصلها فضلا عن تفاصيل خصوصياتها، وهذا المعنى يوجب اختلاف الدعاءين أعني الدعاء بالخير والدعاء بالشر من حيث الآداب.
فمن أدب الدعاء بالشر أن تذكر الأمور التي بعثت إلى الدعاء بالتكنية وخاصة في الأمور الشنيعة الفظيعة بخلاف الدعاء بالخير فإن التصريح بعوامل الدعاء فيه هو المطلوب، وقد راعاه عليه السلام في دعائه حيث قال: " ليضلوا عن سبيلك ولم يأت بتفاصيل ما كانت تأتى به آل فرعون من الفظائع.
ومن أدبه الاكثار من الاستغاثة والتضرع وقد راعاه فيما يقول: " ربنا " وتكرره مرات في دعائه على قصره.
ومن أدبه أن لا يقدم عليه إلا مع العلم بأنه على مصلحة الحق من دين أو أهله من دون أن يجرى على ظن أو تهمة، وقد كان عليه السلام على علم منه وقد قال الله فيه: " ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى " (طه: 56) وكأنه لذلك أمره الله سبحانه وأخاه عند ما أخبرهما بالاستجابة بقوله: " فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون " والله أعلم.
ومن دعاء موسى ما حكاه الله عنه في قوله: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376