يا رسول الله لزمت الأرض فقال: ذلك الظن بك، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
أنجز لي يا رب ما وعدتني فإنك إن شئت لم تعبد.
وعن الزمخشري في ربيع الأبرار قال: أنزل في الخمر ثلاث آيات: " يسألونك عن الخمر والميسر " فكان المسلمون بين شارب وتارك إلى أن شربها رجل فدخل في صلاته فهجر فنزل: " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " فشربها من شربها من المسلمين حتى شربها عمر فأخذ لحى بعير فشج رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يغفر:
وكاين بالقليب قليب بدر * من القنيات والشرب الكرام وكاين بالقليب قليب بدر * من السرى المكامل بالسنام أيوعدنا ابن كبشة أن نحيى * وكيف حياة أصداء وهام أيعجز أن يرد الموت عنى * وينشرني إذا بليت عظامي ألا من مبلغ الرحمن عنى * بأنى تارك شهر الصيام فقل لله: يمنعني شرابي * وقل لله: يمنعني طعامي فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج مغضبا يجر رداءه فرفع شيئا كان في يده ليضربه، فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فأنزل الله سبحانه وتعالى:
" إنما يريد الشيطان - إلى قوله - فهل أنتم منتهون " فقال عمر: انتهينا.
وفي الدر المنثور: أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والنحاس في ناسخه عن سعد بن أبي وقاص قال: في نزل تحريم الخمر، صنع رجل من الأنصار طعاما فدعانا فأتاه ناس فأكلوا وشربوا حتى انتشوا من الخمر، وذلك قبل أن تحرم الخمر فتفاخروا فقالت الأنصار: الأنصار: خير، وقالت قريش: قريش خير فأهوى رجل بلحى جزور فضرب على أنفى ففزره - فكان سعد مفزور الانف - قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فنزلت هذه الآية: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر، إلى آخر الآية ".
أقول: والروايات في القصص التي أعقبت تحريم الخمر في الاسلام كثيرة من طرق الجمهور على ما فيها من الاختلاف الشديد.