الحضور، فضلا عن أزمنة الغيبة، واشتراط إمكان الوصول إلى الإمام عليه السلام لبعض الناس دعوى بلا برهان ولا سبب يوجب ذلك، فالشيعة في أيام الغيبة متمسكون بإمامهم يوالونه ويتبعون أوامره، ومن هذه الأوامر الرجوع إلى رواة أحاديثهم في الحوادث الواقعة، أما التمسك بالقرآن فهو أمر لا يمكن إلا بالوصول إليه، فلا بد من كونه موجودا بين الأمة، ليمكنها أن تتمسك به، لئلا تقع في الضلال، وهذا البيان يرشدنا إلى فساد المناقشة بأن القرآن محفوظ وموجود عند الامام الغائب، فإن وجوده الواقعي لا يكفي لتمسك الأمة به.
وقد أشكل على هذا الدليل:
بأن أخبار الثقلين إنما تدل على نفي التحريف في آيات الاحكام من القرآن، لأنها هي التي أمر الناس بالتمسك بها، فلا تنفي وقوع التحريف في الآيات الأخرى منه.
وجوابه:
أن القرآن بجميع آياته مما أنزله الله لهداية البشر، وإرشادهم إلى كمالهم الممكن من جميع الجهات، ولا فرق في ذلك بين آيات الاحكام وغيرها، وقد قدمنا في بيان فضل القرآن أن ظاهر القرآن قصة وباطنه عظة، على أن عمدة القائلين بالتحريف يدعون وقوع التحريف في الآيات التي ترجع إلى الولاية وما يشبهها ومن البين أنها لو ثبت كونها من القرآن، لوجب التمسك بها على الأمة.
الناحية الثانية: أن القول بالتحريف يقتضي سقوط الكتاب عن الحجية، فلا يتمسك بظواهره، فلا بد للقائلين بالتحريف من الرجوع إلى إمضاء الأئمة الطاهرين لهذا الكتاب الموجود بأيدينا، وإقرار الناس على الرجوع إليه بعد ثبوت تحريفه، ومعنى هذا: أن حجية الكتاب الموجود متوقفة على إمضاء الأئمة للاستدلال به، وأولى الحجتين المستقلتين اللتين يجب التمسك بهما، بل هو الثقل