بمناسبة الحديث عن النسخ في الاحكام وهو في أفق التشريع، وبمناسبة أن النسخ كالبداء وهو في أفق التكوين، وبمناسبة خفاء معنى البداء على كثير من علماء المسلمين، وأنهم نسبوا إلى الشيعة ما هم براء منه، وأنهم لم يحسنوا في الفهم ولم يحسنوا في النقد، وليتهم إذ لم يعرفوا تثبتوا أو توففوا (1) كما تفرضه الأمانة في النقل، وكما تقتضيه الحيطة في الحكم، والورع في الدين بمناسبة كل ذلك وجب أن نذكر شيئا في توضيح معنى البداء، وإن لم تكن له صلة - غير هذا - بمدخل التفسير.
تمهيد:
لا ريب في أن العالم بأجمعه تحت سلطان الله وقدرته، وأن وجود أي شئ من الممكنات منوط بمشيئة الله تعالى، فإن شاء أوجده، وإن لم يشأ لم يوجده.
ولا ريب أيضا في أن علم الله سبحانه قد تعلق بالأشياء كلها منذ الأزل، وأن الأشياء بأجمعها كان لها تعين علمي في علم الله الأزلي وهذا التعين يعبر عنه ب " تقرير الله " تارة وب " قضائه " تارة أخرى، ولكن تقدير الله وعلمه سبحانه