" نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة واحدة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح " (1).
ومما لا ريب فيه أن وجوب الزكاة إنما نزل في المدينة، فكيف يمكن أن يقال: إن الآية المذكورة نزلت في الزكاة!. وحكى الزجاج أن هذه الآية قيل فيها:
إنها نزلت بالمدينة (2)، وهذا القول مخالف للروايات المستفيضة المتقدمة، وهو مع ذلك قول بغير علم.
الثالث: إن الايتاء الذي أمرت به الآية الكريمة قد قيد بيوم الحصاد فلا بد أن يكون هذا الحق غير الزكاة، لأنها تؤدى بعد التنقية والكيل، ومما يشهد على أن هذا الحق غير الزكاة أنه قد ورد في عدة من الروايات المأثورة عن أهل البيت - ع - النهي عن حصاد الليل، معللا في بعضها أنه يحرم منه القانع والمعتر (3).
وروى جعفر بن محمد بن إبراهيم، بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده:
" ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الجداد بالليل، والحصاد بالليل، قال جعفر: أراه من أجل المساكين " (4).
وأما ما قيل في توجيه ذلك: إن يوم الحصاد يمكن أن يكون ظرفا لتعلق الحق بالمال لا للايتاء فيبطله:
1 - أنه خلاف الظاهر الذي يفهمه العرف من الآية، بل كاد يكون خلاف صريحها، فإن الظرف إنما يتعلق بما تدل عليه مادة الفعل، ولا يتعلق بما تدل