ان موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي يتذرع بها القائلون بالتحريف، إلى إثبات ان في القرآن تحريفا وتغييرا. وان كيفية جمعه مستلزمة - في العادة - لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه.
فكان من الضروري أن يعقد هذا البحث إكمالا لصيانة القرآن من التحريف وتنزيهه عن نقص أو أي تغيير.
إن مصدر هذه الشبهة هو زعمهم بأن جمع القرآن كان بأمر من أبي بكر بعد أن قتل سبعون رجلا من القراء في بئر معونة، وأربعمائة نفر في حرب اليمامة فخيف ضياع القرآن وذهابه من الناس، فتصدى عمر وزيد بن ثابت لجمع القرآن من العسب، والرقاع، واللخاف، ومن صدور الناس بشرط أن يشهد شاهدان على أنه من القرآن، وقد صرح بجميع ذلك في عدة من الروايات، والعادة تقضي بفوات شئ منه على المتصدي لذلك، إذا كان غير معصوم، كما هو مشاهد فيمن يتصدى لجمع شعر شاعر واحد أو أكثر، إذا كان هذا الشعر متفرقا، وهذا الحكم قطعي بمقتضي العادة، ولا أقل من احتمال وقوع التحريف، فإن من المحتمل عدم إمكان إقامة شاهدين على بعض ما سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يبقى وثوق بعدم النقيصة.
والجواب:
إن هذه الشبهة مبتنية على صحة الروايات الواردة في كيفية جمع القرآن والأولى أن نذكر هذه الروايات ثم نعقبها بما يرد عليها.