ويحتمل أن يكون المراد بالغيب قيام القائم (عليه السلام)، ويدل عليه ما روي عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب) قال: من أقر بقيام القائم (عليه السلام) أنه حق (1).
وروى أيضا بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب) فقال: المتقون شيعة علي (عليه السلام) والغيب هو الحجة الغائب (2).
ويقيمون الصلاة: القيام في الأصل الانتصاب، وإقامة الشئ جعله منتصبا، فكأنهم يجعلون الصلاة منتصبة من حضيض ذل العدم أو النقصان إلى ذروة عز الوجود أو الكمال، أي يحصلونها - أو يأتون بها - على ما ينبغي، وأيضا قيام الشئ وجوده، ومنه قولهم: إنه قائم بنفسه أو بغيره، وقولهم القيوم: هو القائم بنفسه المقيم لغيره، والقوام: لما يقام به الشئ أي يحصل.
فعلى هذا معنى إقامة الصلاة تحصيلها وإيجادها كما في الوجه الأول من الإقامة بمعنى الانتصاب، ويلائم الوجه الثاني جعله من أقام العود، إذا قومه أي سواه، على أن يستعار من تسوية الأجسام كالعود ونحوه لتعديل الأركان، نقلا من المحسوس إلى المعقول.
ويحتمل أن يجعل من قامت السوق إذا نفقت - أي راجت - وأقامها أي جعلها نافقة رائجة، ويقصد بها الدوام والمحافظة عليها، لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشئ النافق الذي تتوجه إليه الرغبات، وإذا عطلت وأضيعت كانت كالشئ الكاسد الذي لا يرغب فيه.