إليه، فيسند تارة إلى القرآن، وأخرى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) (1).
وهداية الله تتنوع أنواعا لا يحصيها عد، لكنها تنحصر في أجناس مترتبة:
الأول: إفاضة القوى التي تمكن بها من الاهتداء إلى مصالحه، كالقوى العقلية، والحواس الباطنية، والمشاعر الظاهرة.
والثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد.
والثالث: بإرسال الرسل وإنزال الكتب.
والرابع: أن يكشف على قلوبهم السرائر، ويريهم الأشياء كما هي بالوحي والالهام والمنامات الصادقة، وهذا القسم يختص بنيله الأنبياء والأولياء.
وطلب الهداية وغيرها من المطالب، قد يكون بلسان القول، وقد يكون بلسان الاستعداد، فما يكون بلسان الاستعداد لا يتخلف عنه المطلوب، وما يكون بلسان القول ووافقه الاستعداد استجيب، وإلا فلا.
فإن قلت: فعلى هذا لا حاجة إلى لسان القول.
قلت: يمكن أن يحصل في بعض استعداد المطلوب من الطلب بلسان القول، فالاحتياط أن لا يترك الطالب الطلب بلسان القول، فبالنسبة إلى بعض المراتب يطلب بلسان الاستعداد، وفي بعضها بلسان القول.
وطلب الهداية بعد الاهتداء - فإن من خصص الحمد بالله سبحانه وأجرى عليه تلك الصفات العظام، وحصر العبادة والاستعانة فيه كان مهتديا - محمول على طلب زيادة الهداية أو الثبات عليها.
قيل: إذا كان السالك في مقام السير إلى الله ولم يصل إلى مطلوبه، فلا شك أن بينه وبين مطلوبه مسافة ينبغي أن يقطعها حتى يصل إليه، فلا بد له من طلب الهداية ليقطع تلك المسافة. إذا كان في السير في الله، فليس لمطلوبه نهاية ولا ينتهي سيره أبد الآبدين، فلا بد له من طلب الهداية.
فبالجملة: لا بد من طلبها وإن كانت حاصلة في بعض المراتب.