تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٦٣
إحداهما: التأكيد بذكر الصراط مرتين لفظا، وتكرير العامل تقديرا، و يلزمهما تكرير النسبة.
وثانيتهما: الايضاح بتفسير المبهم، وفيه أيضا نوع تأكيد، فإن ذكر الشئ مبهما وتفسيره يفيد تقريره وتأكيده.
وقرئ " من أنعمت عليهم ". و (عليهم) في محل النصب على المفعولية.
والانعام إيصال النعمة، وهي في الأصل الحالة التي يستلذها الانسان، فأطلقت على ما يستلذه من النعمة، وهي التنعم.
ونعم الله وإن كانت لا تحصى كما قال: تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " (1)، تنحصر في جنسين، دنيوي وأخروي، والأول: قسمان، موهبي وكسبي، والموهبي قسمان: روحاني كالروح وما يتبعه من القوى كالفهم والفكر والنطق، وجسماني كالبدن والقوى الحالة فيه والهيئات العارضة له من الصحة وكمال الأعضاء، والكسبي تزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة، وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة والحلى المستحسنة، وحصول الجاه والمال.
والثاني: أن يغفر ما فرط منه، ويرضى عنه، ويبوئه في أعلى عليين مع الملائكة المقربين أبد الآبدين.
والمراد هو القسم الأخير، وما يكون وصلة إلى نيله من القسم الآخر، وما عدا ذلك يشترك فيه المؤمن والكافر.
فالمراد بالمنعم عليهم: هم المؤمنون مطلقا، وأطلق الانعام ولم يقيد بنعمة خاصة ليشمل كل إنعام، ووجه صحة الشمول هو ادعاء أن من أنعم الله عليه بنعمة الاسلام لم تبق نعمة إلا أصابته. وقيل: الأنبياء (عليهم السلام).
وقيل: أصحاب موسى وعيسى (عليهما السلام) قبل التحريف والنسخ.
وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال:

(1) سورة إبراهيم: الآية 34.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست