الكلام وإظهار القدرة عليها، ومن جهة المخاطب وهي فطرية نشاطة في سماع الكلام وإيقاظه للاصغاء إليه - أنه لما قال: (إياك) بدل (إياه) فقد نزل الغائب بواسطة أوصافه المذكورة - التي أوجبت تمييزه وانكشافه حتى صار كأنه تبدل خفاء غيبته بجلاء ظهوره - منزلة المخاطب في التميز والظهور، ثم أطلق عليه ما هو موضوع للمخاطب، ففي إطلاقه ملاحظة لتلك الأوصاف، فصار الحكم مرتبا على الأوصاف، كأنه قيل: أيها الموصوف المتميز بهذه الأوصاف، نخصك بالعبادة والاستعانة، فيفهم منه عرفا أن العبادة والاستعانة لتميزه بتلك الأوصاف.
ومنها: التنبيه على أن القراءة إنما يعتد بها إذا صدرت عن قلب حاضر وتأمل وافر، يجد القارئ في ابتداء قراءته محركا نحو الاقبال على منعمه الذي أجرى حمده على لسانه، ثم تزداد قوة ذلك المحرك بجنب إجراء تلك الصفات العظام حتى إذا آل الامر إلى خاتمتها أوجب إقباله عليه وخطابه بحصر العبادة والاستعانة فيه.
ومنها: الاعلام بأن الحمد والثناء ينبغي أن يكون على وجه يوجب ترقي الحامد من حضيض بعد الحجاب والمغايبة إلى ذروة قرب المشاهدة والمخاطبة.
ومنها: الإشارة إلى أن العبادة المستطابة، والاستعانة المستجابة في مقام العبودية، إنما يليق بهما أن تعبد ربك كأنك تراه وتخاطبه.
ومنها: الإشارة إلى أنه ينبغي أن يكون تالي كلامه سبحانه بحيث يتجلى له المتكلم فيه ويصير مشهودا له، ليخاطبه بتخصيص العبادة والاستعانة به، كما روى عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لقد تجلى الله تعالى لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون (1).
وعنه أيضا أنه خر مغشيا عليه وهو في الصلاة، فسئل عن ذلك، فقال: ما زلت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها (2).
الضمير المستكن في الفعلين للقارئ ومن معه من الحفظة، أو حاضري