رسول الله صلى الله عليه وآله قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شئ للذي كانوا يرجون من إفاضته من مكانهم حتى انتهى إلى نمرة (1) وهي بطن عرنة بحيال الأراك فضربت قبته وضرب الناس أخبيتهم (2) عندها، فلما زالت الشمس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه قريش وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم، ثم صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم مضى إلى الموقف فوقف به، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها، فنحاها ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيها الناس ليس موضع إخفاف ناقتي بالموقف، ولكن هذا كله، وأومى بيده إلى الموقف، فتفرق الناس، وفعل ذلك بالمزدلفة، فوقف الناس حتى وقع قرص الشمس، ثم أفاض وأمر الناس بالدعة، حتى انتهى إلى المزدلفة، وهي المشعر الحرام (3).
علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن المشركين كانوا يفيضون من قبل أن تغيب الشمس، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأفاض بعد غروب الشمس، قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا غربت الشمس فأفض مع الناس وعليك السكينة والوقار، وافض بالاستغفار، فإن الله عز وجل يقول: " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله " والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة (4).