تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٤٢٥
المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن هذا الشهر قد خصكم به وحضركم، وهو سيد الشهور، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة (1).
لعلكم تتقون: المعاصي، فإن الصوم يكسر الشهوة التي هي مبدؤها.
وفي عيون الأخبار: في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنه سمعها من الرضا (عليه السلام): فإن قال: فلم أمر بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا على فقر الآخرة، وليكون الصائم خاشعا ذليلا مأجورا محتسبا عارفا صابرا على ما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب، مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات، وليكون ذلك واعظا لهم في العاجل ورائضا لهم على أداء ما كلفهم، ودليلا لهم في الآجل، وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا فيؤدوا إليهم ما افترض الله تعالى في أموالهم، فإن قال: فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور؟ قيل: لان شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن وفيه فرق بين الحق والباطل، كما قال الله عز وجل:
" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " وفيه نبئ محمد (صلى الله عليه وآله)، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، وهو رأس السنة، يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت ليلة القدر. فإن قال: لم أمر بصوم شهر رمضان لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل: لأنه قوة العباد الذي يعم فيه القوي والضعيف. وإنما أوجب الله تعالى الفرائض على أغلب الأشياء و أعظم القوى، ثم رخص لأهل الضعف ورغب أهل القوة في الفضل، ولو كانوا يصلحون على أقل من ذلك لنقصهم، ولو احتاجوا إلى أكثر من ذلك لزادهم. (2)

(١) الكافي: ج ٤، ص 67، كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل الصوم والصائم، ح 5.
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ص 115، باب 34، العلل التي ذكر الفضل بن شاذان، في آخرها أنه سمعها من الرضا (عليه السلام) علة جعل الصوم في شهر رمضان دون سائر الشهور.
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست