تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
شرف الانسان من حيث أنه إنسان. وعلى مزية العلم على العبادة. وعلى أنه شرط في الخلافة. وأنه لا يكون الأسفل خليفة للأفضل وإن كان له شرف التقدم، وقد قال " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " (1).
قال بعض الفضلاء: وتأويل الآية في بعض بطونها: أن الله سبحانه علم آدم أي الاناسي الكاملين أسماءه كلها سواء كانت إلهية أو كونية، فإن الحقيقة الانسانية الكمالية أحدية جمع الحقائق المظهرية الكمالية والأسماء الإلهية الظاهرة فيها وبها، فإن الكل أسماء وتعينات وجوده، وتعليمهم إياه عبارة عن جعلهم عارفين بما في أنفسهم، ثم عرضهم، أي أوردهم في معرض المعارضة للملائكة، فقال لهم أي للملائكة -: أنبئوني من حيث ظهوري فيهم، فإن إنبائي من هذه الحيثية إنباؤهم بأسماء هؤلاء الاناسي الكاملين، أي أسمائي المودعة فيهم، إلهية كانت أو كونية، و إنباؤكم عنها لا يتصور إلا بتحققكم بها والظهور بأحكامها، قالوا: سبحانك لا علم لنا بتلك الأسماء إلا بما علمتنا بإيداعه فينا وجعلنا عارفين به، وذلك لا يستوعب جميع تلك الأسماء، فكيف ننبئهم بها، إنك أنت العليم بما فينا وفيهم، الحكيم المجري علينا أحكامنا على ما يقتضيه علمك، وبهذا ظهر عدم استحقاق الملائكة للخلافة، لان من شرطها الإحاطة بأحوال المستخلف عليه، ثم أقبل على آدم لاظهار استحقاقه لها فقال: يا آدم أنبئهم بأسمائهم المودعة فيهم، فإنها بعض ما أودعنا فيك، فعلمك بتفاصيل ما فيك يستلزم العلم بما فيهم، فلما أنبأهم بأسمائهم قال لهم: ألم أقل إني أعلم غيب سماوات الأسماء، أي ما استجن فيها من الاحكام والآثار، وغيب أرض الحقائق الامكانية من الاستعدادات الغير الظاهرية إلا بعد ظهور أحكام الأسماء وآثارها فيها، وأعلم ما تبدون لاقتضاء استعدادكم إبداءه من تلك الأحكام والآثار، واعلم ما كنتم تكتمون، لعدم وفاء استعدادكم بابدائه.
وإنما قال أولا أنبئوني، وثانيا أنبئهم، إشارة إلى صحة اسناد الافعال و

(1) سورة الزمر: الآية 9.
(٢٣٠)
مفاتيح البحث: سورة الزمر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست