بأسمائهم وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره، فعلموا أنهم أحقاء بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته، غيبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبتهم، وقال لهم: " ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض و أعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " (1) فيدل على العموم أيضا. فإن المعنى علم آدم (عليه السلام) أسماء الأشياء، أي صفاتهم المختصة بهم، وصفات حججه (صلوات الله عليهم) أيضا، ليظهر أنهم أحقاء بأن يكونوا خلفاء في أرضه، فإنه لو لم يعلم أسماء الأشياء لجاز عند عقولهم مساواة جميع ما سواهم في تلك الأسماء، فلا تظهر أحقية الحجج بالخلافة.
لا يقال: المراد أحقيتهم بالنسبة إلى الملائكة، وهو يظهر بتعليم أسمائهم فقط.
قلنا: نعم لكن أحقيتهم بالنسبة إلى سائر ما من نوعهم كأنه معلوم للملائكة، والنزاع إنما وقع في أحقيتهم بالنسبة إليهم، لكن يظهر من تنزيههم فيما بعد واطمئنانهم أنه تعالى أظهر خاصية جميع الأشياء وأحوالها لهم وظهر لهم المزية.
هكذا حقق المقام حتى تتفطن لما قاله العلامة السبزواري في الجمع بين الحديثين من أن الأخير لا ينافي العموم، لأنه (عليه السلام) يمكن أن يقتصر في هذا الحديث على ما هو الأهم في هذا المقام، وهو إراءتهم الأنبياء والأوصياء خصوصا خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
وقرئ: وعلم آدم الأسماء على البناء للمفعول.
ثم عرضهم على الملائكة: وقرأ أبي (2) (ثم عرضها) وقرأ ابن مسعود (ثم عرضهن) (3) والضمير على الأول للمسميات، إما على الاستخدام، وهو أن يذكر لفظ وأريد معنى وبضميره معنى آخر، كقوله: