تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٣٤
من الكافرين المطرودين، فظهر آخرا ما كان أولا.
وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين: رغدا وصف للمصدر، أي أكلا رغدا واسعا.
وقيل: الشجرة، الحنطة، وقيل: الكرمة، وقيل: التينة.
وفي عيون أخبار الرضا: بإسناده إلى عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحوا، وما كانت، فقد اختلف الناس فيها، فمنهم من يروي أنها الحنطة، ومنهم من يروي أنها العنب، ومنهم من يروي أنها شجرة الحسد، فقال: كل ذلك، حق، قلت: فما معنى تلك الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت، إن شجرة الجنة يحتمل أنواعا، وكانت شجرة الحنطة وفيها عنب ليست كشجرة الدنيا، وإن آدم لما أكرمه الله تعالى بإسجاد ملائكته وبإدخاله الجنة، قال في نفسه: هل خلق الله بشرا أفضل مني؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه، فناداه إرفع رأسك يا آدم وانظر إلى ساق عرشي، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. فقال آدم: يا رب، من هؤلاء؟ فقال عز وجل: هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك ومن جميع خلقي، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار، ولا السماء ولا الأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد، وتمني منزلتهم فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى عنها، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم، فأخرجهما الله تعالى من جنته، وأهبطهما عن جواره إلى الأرض (1).
وفي مجمع البيان: ولا تقربا هذه الشجرة، أي لا تأكلا منها، وهو المروي

(1) عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 306، باب 28، فيما جاء عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) من الاخبار المتفرقة، ح 67.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست