قاله، أو حصول العلم من المجموع بمجموع ما قاله وبينه على طريق التوزيع، فلما سمع الكل الكل صدقوه في الجميع لمطابقة علمهم وتصديق نظرائهم، أو علمهم نبوته و بعثته على الجان وعلى أولاده الذين سيوجدون من صلبه بإخبار الله تعالى إياهم، أو بظهور خوارق العادات على يده مقارنا لدعوى النبوة.
وأقول: يحتمل أن يكون ذلك بإراءتهم عند ذلك في اللوح المحفوظ، فيحصل لهم المطابقة مع ما فيه فيحصل لهم العلم.
فعلى هذا يلزم على العلامة، إما إثبات قسم رابع للمنفصلة، أو إبطال منفصلته، لأنها ليست حقيقية ولا مانع الجمع، وهو ظاهر، ولا مانعة الخلو، لجواز ارتفاع جميع تلك الوجوه لما ذكرنا، اللهم إلا أن يقال: إنها ليست منفصلة، ولا يخفى ما فيه.
قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم: للرد عليهم، والتنبيه على أن فيمن يستخلفه فضيلة العلم التي هي مناط استئهال الاستخلاف.
وقرئ بقلب الهمزة ياء، وبحذفها أيضا، والهاء مكسورة فيهما.
فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم: حيث قلت إني أعلم ما لا تعلمون.
إني أعلم غيب السماوات والأرض: فإن ما لا يعلمون أعم من غيب السماوات والأرض، والقول بالعلم الأعم على وجه الشمول قول بالعلم بالأخص.
وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون: هذا أيضا من تتمة مقول القول، و إنما يلزم القول به بالطريق الأولى، لأنه إذا علم ما لا يعلمون، فبالطريق الأولى يعلم ما يعلمون.
والمراد بالأول أحوالهم الظاهرة، والثاني الباطنة، أو بالأول قولهم: " أتجعل " إلى آخره، وبالثاني ما يلزمه من استبطانهم أنهم أحقاء بالخلافة، أو بالأول ما أظهروا من الطاعة، وبالثاني ما أسر منهم إبليس من المعصية.
وفي الآية دلالة على أن العلوم كلها من جهته تعالى. والامر كذلك، لأنها إما ضرورية فعلها لله تعالى، أو نظرية أقام الأدلة عليها، فالعلم كله من عند الله. وعلى