[وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين (23) فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24)] فراشا تتقلبون فيها بأنواع العبادات، وسماء الأسماء الربوبية فيه مضروبة عليكم محيطة بكم، بحيث لا يمكنكم الخروج عن إحاطتها بشمول آثارها، وأنزل من هذه السماء ماء العلوم والمعارف على تلك الأرض، فأخرج ثمرات الأحوال والأذواق والمواجيد، رزقا لكم تغتذون وتتقون به بقلوبكم وأرواحكم، فلا تجعلوا لله أندادا تعبدونها كما تعبدونه، والحال أنكم تعلمون أنه لا معبود سواه، ولا ينبغي أن يجعل أحد قبلة عبادته إلا إياه.
وإن كنتم في ريب: لما كانت العبادة المأمور بها موقوفة على أمرين:
أحدهما: إثبات الوحدانية وإبطال الاشراك، وقد أشير إليه بالأوصاف المجراة على ربهم الذي أمروا بعبادته. والثاني: إثبات النبوة التي يقع بها الترغيب والترهيب، وتعريف طرق العبادة وتعيينها، فلذلك أشار إليه بإزاحة الشبهة عن كون القرآن معجزا دالا على نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) وهو معطوف على قوله: " يا أيها الناس " والظرف مستقر في موضع خبر كان.
والمعنى: وإن كنتم في ريب يحيط بكم إحاطة الظرف بالمظروف.
مما نزلنا على عبدنا: أي من شئ، أو من الذي نزلناه، ويحتمل مرجوحا أن يكون المعنى من تنزيلنا.
وإنما أتى بكلمة (إن) الدالة على عدم الجزم بالوقوع، والريب متحقق من هؤلاء الكفار، تنبيها على أنه لا ينبغي حصول هذا الريب من العقلاء، فكيف يجزم