تجعلوا).
والفاء للسببية، أدخلت عليه لتضمن المبتدأ معنى الشرط. والمعنى أن من حفكم بهذه النعم الجسام ينبغي أن لا يشرك به.
والجعل هنا بمعنى التصيير، فيتعدى إلى مفعولين، أولهما أندادا، وثانيهما الجار والمجرور قبله.
أو بمعنى الخلق والايجاد، والمعنى لا توجدوا له في إعتقادكم وقولكم أندادا.
والفائدة في تقديم المفعول الثاني، أو الجار والمجرور، إفادة الحصر، والإشارة إلى أن المنهي عنه جعل الند لله تعالى.
وأما بالنسبة إلى الفاعلين فجعل الند والشريك واجب، لئلا يلزم التفويض، كما قال (عليه السلام): لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الامرين (1).
وقرئ (فلا تجعلوا لله ندا). والند: المثل المناوئ أي المخالف، من ند ندودا، إذا نفر، وفي تسميته ما يعبدونه ندا، لما عظموه وسموه إلها، وإن لم يزعموا أنه يماثله أو يخالفه تهكم به.
وفي إيراد صيغة الجمع، حيث دلت على أنهم جعلوا أندادا لمن يمتنع أن يكون له ند واحد، زيادة تهكم.
وأنتم تعلمون: حال من فاعل (فلا تجعلوا) والمقصود منه التوبيخ، لا تقييد الحكم به، فإن العالم والجاهل المتمكن من العلم سواء في التكاليف.
ومفعول (تعلمون) متروك، لتنزيله منزلة اللازم مبالغة، أي وحالكم وصفتكم أنكم من أهل العلم والتمييز بين الصحيح والفاسد، ثم أن ما أنتم عليه من أمر دينكم من جعل الأصنام لله أندادا، هو غاية الجهل ونهاية سخافة العقل، أو مقدر بوجود القرينة المقالية أو الحالية، أي وأنتم تعلمون أنه تعالى لا مثل له ولا ضد. أو وأنتم تعلمون ما بينه وما بينها من التفاوت، أو وأنتم تعلمون أنها لا تفعل مثل