لا نجدها في شعر أخيه الشريف المرتضى شقيقه في النسب، وقرينه في الحياة الاجتماعية وفي الأحوال التي مرت عليهما من شدة ورخاء وعزة وأبهة. وهذا هو الذي رفع شعره عن مستوى مماثليه فيه نوعا ما إلى ذروة بعيدة المرتقى، ولذاك مع مناسبات أخرى أعجب الصاحب ابن عباد - نيقد الشعر - الذي يعيب شعر المتنبي وينقده نقدا مرا، فأنفذ إلى بغداد من ينسخ له ديوانه وكتب إليه بذلك سنة 385، وعندما سمح له به وأنفذه مدحه بقصيدة منها قوله:
بيني وبينك حرمتان تلاقتا * نثري الذي بك يقتدي وقصيدي ووصائل الأدب التي تصل الفتى * لا باتصال قبائل وجدود إن أهد أشعاري إليك فإنها * كالسرد أعرضه على داود وتلك (تقية) بنت سيف الدولة بن حمدان، ماذا راقها من شعر الشريف، وهي امرأة ولديها ديوان المتنبي الملئ بمدائح الأسرة الحمدانية وتهانيهم ومراثيهم، وهو هو ذلك الفحل المطرق الذي يقف صفا واحدا والشعراء في صف واحد من ناحيتي بعد المعاني ومطابقة اللفظ لها؟ انه راقها وراعها جميل ديباجته ورونق الحشمة والجلالة التي اصطبغ بها، فأنفذت من مصر من ينسخه لها وهي لا ترى هدية أنفس منه يوم حمل إليها ولعلما كانت هذه الصلة الأدبية بينهما هي التي أثارت عواطفه فرثاها وقد توفيت بمصر سنة 399 ومما قال في قصيدته بعد إطراء بني حمدان:
إذا ابتدرت نساؤهم المساعي * فما ظني وظنك بالرجال يقال في إطراء شعر أو تحديد مقداره: إنه رقيق الديباجة جزل