(ذلك أدنى الا تعالوا) أي: لا تثقلوا، ولم يقل: الا تعولوا، فيكون الفعل في الأثقال لهم لا للامر، وذلك محال.
وحقيقة العول واصله في اللغة: الخروج عن الحد والمجاوزة للقدر، فالعول في الفريضة: خروج عن حد السهام المسماة لأهلها، والفقر أيضا كذلك: خروج عن الحد في قصور الحال ودقتها، والثقل أيضا كذلك، لأنه تجاوز لمقدار احتمال الناهض به حتى يستكره عليه طاقته ويستفرغ فيه قوته، وقال بعضهم: المراد بقوله تعالى: (فواحدة أو ما ملكت ايمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا) اي: احذروا الا يكون منكم ميل إلى واحدة دون الأخرى، لان الواحدة إذا كانت بانفرادها لم تكن معها من النساء من يلزمه العدل بينهما في الأيام التي يقسمها لهما، وكذلك إذا كانت واحدة وكان معها واحدة من ملك اليمين، أو كان له عدد كثير من ملك اليمين، لم يلزمه أن يعدل بينهن في الأيام، ولا بينهن وبين الحرة، فذلك أقرب إلى عدم الميل منه، وقد قال تعالى في هذه السورة أيضا ما يكشف عن المراد بما ذكرنا، وهو قوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة... 129)، فذكر الميل مع العدل كما ذكر في الموضع الأول العول مع العدل، وهذا كله كلام بعضه من بعض.
وقال بعضهم: المراد بذلك: فان ختم الاثم بألا تعدلوا في اليتامى اللاتي نكحتموهن لضعفهن، ولان نكاحهن أدعى لكم إلى ظلمهن.