فانكحوا من غيرهن ممن تمتنع (1) عليكم بأوليائهن، وجعل تعالى غاية عدد المباح من النكاح أربعا وأدناه واحدة، ونبه سبحانه بذلك على ما بين العددين، فكأنه قال: (فان خفتم ألا تعدلوا في نكاح الأربع فانكحوا ثلاثا، فان خفتم هذا المعنى في نكاح الثلاث فانكحوا اثنتين، فان خفتم ذلك في نكاحهما فانكحوا واحدة)، فصارت غاية العدد أربعا وأدناه واحدة، لان ذكر الطرفين يدل في مثل ذلك على الوسائط، وهذا كقوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما... إلى قوله تعالى: فقاتلوا التي تبغي...) [2] فنبه سبحانه بذكر الاصلاح والقتال اللذين هما أول الأمر والمقصود وآخره على ما بين هذين الطرفين من الوسائط، والطرفان هما الاصلاح والقتال.
وقال بعضهم: المراد باليتامى ههنا النساء، إلا أنه تعالى ذكر المعنى في الآية بلفظين مختلفين، كما قال الله تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم... - 5) يعني النساء والصبيان فكما وصف هذان الضربان بالسفه وصفن [3] باليتم، فكان تقدير الكلام: (فان خفتم ألا تقسطوا في النساء فانكحوا ما طاب لكم منهن). وإنما قال تعالى: (من النساء) لفصل البيان، إذ كان الاسم الأول الواقع عليهن - أعني اليتامى - ربما ألبس على السامع، فكرره بما لا يلبس، وحسن ذلك لاختلاف اللفظين وإن كان المعنى واحد، ومن الشاهد على أن اليتامى عبارة عن النساء ههنا قوله تعالى في هذه السورة: