وإن كانا لم يعطيا المفاعلة حقها، فان من حقها أن يفعل كل واحد من الاثنين بصاحبه مثل الذي يفعله به صاحبه، وقد علمنا أن من عليه الدين لا يلازم ولا يثابت، بل مراده أن يفلت من الربقة ويخلص من الضغطة، وإنما قيل: تلازما، على المعنى الذي ذكرنا، ألا ترى إلى قول العرجي وهو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان:
فتلازما عند الفراق صبابة * أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر فبين أن صاحب الدين هو المانع الحابس، والمعسر هو الممنوع المحتبس.
وقول الله تعالى: (إن عذابها كان غراما) [1] معناه: دائما لازما، وقد يحتج أصحاب الوعيد بذلك على خلود الفساق في النار نعوذ بالله منها!
قال أبو عبد الله: (و 2) قد ذكر أيضا فيمن قطع أنملة انسان، ثم قطع أنملة ثانية من تلك الإصبع، أن عليه كذا وكذا، فسمى المفصل الثاني أنملة، وإنما الأنامل أطراف الأصابع، لا مفاصلها، ورواجبها التي هي عقودها، وما حكي عن أحد من أهل اللغة أنه سمى عقود الأصابع ومفاصلها أنامل، فيسلك سبيله ويتبع دليله.
قال: وقال أيضا في بعض كتبه: ماء مالح، وهذا لم يقله أحد قط، إنما هو ملح وعذب، قال تعالى: (هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج...) [3].