وكفى بهذه الأقوال لقائلها بعدا عن علم اللغة وغربة عن وطن العربية. وقد بعدنا عن غرضنا كثيرا ونحن نرجع إليه بتوفيق الله تعالى فنقول في تمام الكلام على فساد قول من قال معنى (ألا تعولوا) ألا يكثر من تعولونه:
إن ما قاله تعالى قبيل هذا الكلام يشهد بخلاف ما ظنه من ذهب إلى ذلك، لأنه تعالى قال: (فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) فأطلق (المائنين) [1] من مالك اليمين من الأقل والأكثر [2]، وهن كلهن عيال تثقل بهن المئونة وتعظم الكلفة، سواء كان كثرة العيال من الحرائر أو الإماء، فبان فساد قوله.
ودليل آخر، وهو انه تعالى قال: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) ولم يقل: فان خفتم ان تفتقروا، فكان الجواب معطوفا على هذا الشرط، ولا يكون جوابه إلا بضد العدل وهو الجور، فوجب أن يكون معنى (ألا تعولوا) ههنا: ألا تميلوا وتجوروا.
فأما احتجاج من احتج لنصرة مذهب الشافعي في ذلك بأن قال:
قد سمع من بعض العرب: عال الرجل وأعال، إذا كثر عياله، وبأن العرب يقول الواحد منهم: لبست قميصا فعالني، يريد كان أطول مني، وعلته، يريد كنت أطول منه، وبأنهم يقولون: عال الامر