ومصارف لسانها ومواقع بيانها، فان ذلك لا يسلم منه الا من أوغل في تلك المضائق وثبتت [1] قدمه على تلك المزالق، ولو لم ينحله أصحابه التقدم في معرفة العربية والاضطلاع بغوامضها والقيام على حقائقها، حتى أنهم قالوا: إن الأصمعي قرأ عليه شعر الهذليين، إلى غير ذلك مما يستهجن ذكره ويستبعد مثله - لأضربنا عما أو مأنا إليه من كشف وهمه في تأويل هذه الآية، ولكن العذر ما ذكرناه.
وقد كان أبو عبد الله محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني الفقيه العراقي المقدم في الفقه. جاراني على وجه المذاكرة في المعنى الذي أشرت إليه من امر الشافعي وما يردده أصحابه من ذكر تقدمه في علم اللغة، مضافا إلى علم الشريعة، بذكر مواضع اخذت على الشافعي في كتبه، ولا يقولها إلا من لاحظ له في علم اللغة ولا درية [2] بهذه الطريقة:
(منها)، قوله: (إن الواو توجب الترتيب)، ولم يقل ذلك أحد من علماء العربية [3]، بل اجمعوا (كلهم 4) على أنها توجب الاشتراك والجمع. وقال في بعض كلامه: (لي ثوب يسوى كذا)، وهذا خطأ فاحش، لأنه إنما يقال: ساوي كذا، ولا يقال: يسوى، وقد ذكر هذا المعنى أحمد بن يحيى في (كتاب الفصيح) [5] وغيره