يراد بها رؤية أسباب الموت، لا الموت نفسه، وأسباب الموت يصح عليها الرؤية: مثل الطعن بالرماح، والضرب بالصفاح، والرشق بالسهام، والقذف بالسلام [1]، وكل ذلك يصح أن يرى ويشاهد، ألا ترى إلى قول القائل - إذا لقي أمرا صعبا تعظم مشقته وتصعب خطته -: (قد رأيت الموت عيانا)! يريد أنه باشر أسباب الموت هولا وشدة وكربا وضغطة، وهذا معروف في كلامهم، وعلى ذلك قول الشاعر:
ومحلما يمشون تحت لوائهم * والموت تحت لواء آل محلم يريد أسبابا الموت وعلاماته، وعلى ذلك قول كثير:
إذا أخذوا أدراعهم وتسربلوا * مقلص مسروداتها ومذالها [2] رأيت المنايا شارعات فلا تكن * لها سننا قصدا وخل مجالها أراد: رأيت أسباب المنايا: من بطل دارع، وسيف قاطع، وفرس مسوم [3]، وذابل مقوم.
ومثل ذلك جوابنا عن قصة إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام، إذا قال القائل: كيف قال إبراهيم لابنه: (إني أرى في المنام أني أذبحك... إلى قوله تعالى: فلما أسلما وتله للجبين ونادينا أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) [4]؟ فهل يكون مصدقا للرؤيا ولم يذبحه!. فنقول: