(أن 1) ملك السلطان ودبر الزمان، وكذلك قولهم: انتقل الامر عن فلان إلى فلان، أي: السلطان والتدبير، فيكون معنى قوله تعالى: (ليس لك من الامر شئ) أي: ليس لك من السلطان والقدرة شئ، وإنما ذلك لله تعالى دون أحد من خلقه، وإن كان له صلى الله عليه وآله أمر في تدبير الأمة من غير جنس السلطان والقدرة الحقيقيين اللذين لا يوصف بحقيقتهما إلا الله تعالى، ومن وصف بذلك من العباد وصف مجازا واتساعا.
وقال قاضي القضاة أبو الحسن - حرسه الله -: ظاهر قوله تعالى:
(ليس لك من الامر شئ) يقتضي أن يكون واردا في أمر كان صلى الله عليه وآله يفعل فيه ما يكون هذا القول كالمنع منه، فلذلك وقع الاختلاف في سبب نزوله، وما كان يفعله صلى الله عليه وآله في ذلك لا بد من أن يكون حسنا: من دعاء على قوم مخصوصين مستحقين للعقاب، لكن أدعية الأنبياء بالهلاك المعجل والعذاب المرسل يقتضي الإجابة، وإلا أدت الحال إلى التنفير عنهم، فلا يمتنع أن يكون عليه السلام هم بذلك وعزم عليه واستأذن فيه، فأنزل الله تعالى هذه الآية مبينا له أن الصواب عدوله عن هذا الدعاء، لما في عاقبة الامر من المصلحة، وهو ما يعلمه تعالى من توبة بعضهم، فيكون ذلك سببا لنجاته، ويكون التبقية وجه الصلاح في حياته.
فأما قول من قال: إن ذلك نزل في لعنه صلى الله عليه وآله الكفار والمشركين