(يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا...) [1]، ففسر تعالى الأذى بأنه قول ههنا، فدلنا على أن ما آذوه به كان قولا، ولم يكن فعلا، لقوله تعالى: (فبرأه الله مما قالوا)، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى...) [2]، فالمراد بذلك - والله أعلم - لا تتبعوا صدقاتكم بما يبطلها من الأقوال التي تتضمن التبجح بها، والامتنان بفعلها، لان في ذلك أذى لمن تقصدونه بالعطاء، يغض من الصنيعة وينقصها، ويكسف ضياءها وينغصها [3] ألا تسمعه سبحانه يقول: (لهم أجر غير ممنون) [4] اي: لا يكدر عندهم بمنة عليهم، وهذا أحد تأويلي هذه الآية (وقد قيل: إن المراد أجر غير مقطوع، من قولهم: حبل منين وممنون، إذا كان منقطعا) وعلى هذا قول العرب في مدح الرجل منهم: (زاد فلان غير ممنون) إذا كان ممن لا يتبع طعامه منا، ولا يتبجح به لؤما وضنا.
2 - وقال بعضهم: معنى (إلا اذى) أي: إلا ضررا يسيرا، وهو ما يلحقكم إذا سمعتم شركهم وكفرهم، وبين هذا بقوله تعالى: (وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون) [5]، فأعلم تعالى: أن ذلك الأذى شئ دون القتال، ودون المضار