على الاستثناء الصحيح ممكن، فلا يجوز حمله على الاستثناء المنقطع، والمعنى:
لن يضروكم إلا ضررا يسيرا، فالأذى وقع موقع المصدر الأول، الذي تقديره: أن يكون ضررا دون صفة الضرر الذي هو يسير، واما الاستثناء المنقطع فلا يكون فيه الثاني مخصصا للأول، نحو ما بالدار أحد إلا حمارا، وكذلك ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ما ضر، وكيف يجوز أن يجعل هذا بمنزلة الاستثناء المنقطع، والأذى على كل حال من قبيل الضرر، وإن قلنا إنه ضرر يسير، وليس كذلك حكم ما جعلوه شاهدا عليه من قولهم ما اشتكى شيئا إلا خيرا، لان الخير لا يجوز أن يكون من قبيل ما يشتكي منه فيكون الاستثناء صحيحا، وإنما أحوج [1] الكلام إلى حمله على الاستثناء المنقطع لما لم يسغ فيه ما ذكرنا، وقد بينا أن المراد بهذا الأذى هو: الضرر الذي يلحق قلوب المؤمنين باظهار الكفار كلمة الكفر، ومجاهرتهم بالدعاء إلى الضلال عن الدين، وافسادهم قلوب الضعفة من المسلمين، إلى غير ذلك مما في معناه، وذلك اجمع من باب الضرر الذي إذا لحق قلوب المؤمنين غمهم وأكثر همهم، فقد صح إذن كون ذلك ضررا، ووضح كون الاستثناء صحيحا لا منقطعا، وفي ما ذكرناه من ذلك كاف بحمد الله.