فأما قوله تعالى: (فان الله غني عن العالمين) فإنما يريد به تعالى:
إعلام عباده أن تكليفهم العبادات وأمرهم بالطاعات، لامر يعود عليهم نفعه وتعمهم فائدته: من التعريض لمنازل الثواب، والعصمة من من نوازل العقاب، لا لامر له تعالى فيه منفعة، لان الحاجة تستحيل عليه، والمنافع والمضار لا تصل إليه، وعلى ذلك قوله تعالى: (إن الذين اشتروا الكفر بالايمان لن يضروا الله شيئا.. الآية) [1]، والله تعالى غني لنفسه لا يلحقه نفع بطاعة ولا ضرر بمعصية، وإنما أراد سبحانه أن يبين للعبد أنه إنما كلفه لمنافعه، وأجراه في مضمار تعبده لمصالحه، فان أحسن القيام بما كلف كان محسنا إلى نفسه، وإن أخل بالواجب عليه من ذلك لم يضر إلا نفسه، من حيث حرمها الثواب وجر عليها العقاب، وهذا واضح في المعنى الذي ذكرناه بحمد الله تعالى.