في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، ثم انتقلت إلى أبي علي). قال:
كان أبو علي يقول: قراءة من قرأ بتسكين التاء أجود، لأنها قد قالت (رب اني وضعتها أنثى)، فليس يحتاج بعد هذا القول أن تقول: (والله أعلم بما وضعت). ووجه قراءة من قرأ بضم التاء: أن ذلك كما يقول القائل في الشئ: رب قد كان كذا وكذا - وأنت أعلم -، ليس يريد إعلام الله سبحانه ذلك، ولكنه من قبيل التعظيم والخضوع والاستسلام والبخوع [1]، وكقول القائل: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وكقول الرجل لرب نعمته أنا غرس نعمتك ورقيق نعمتك. قال: ومما يقوي قول من أسكن التاء قوله سبحانه: (والله أعلم بما وضعت)، ولو كان من صلة قول أم مريم (ع) لكانت تقول: وأنت أعلم بما وضعت، لأنها تخاطب الله سبحانه:
قلت أنا: وهذا القول غير سديد، لأنه لا يمتنع أن يكون ذلك من قول أم مريم، وتقول مع ذلك: (والله أعلم بما وضعت) على مجرى العادة في خطاب المعظم من العدول معه من كاف المواجهة إلى هاء الكناية، وفي القرآن مثل ذلك كثير في خطاب الله تعالى وخطاب غيره: من خروج عن كناية إلى مواجهة ومن مواجهة إلى كناية، ألا ترى إلى قوله سبحانه: (الحمد لله رب العالمين) ثم: (إياك نعبد وإياك نستعين)، والى قوله تعالى: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) [2] إلى غير ذلك مما في معناه، فأما من قرأ:
(2) يونس 32.