أولياء، بمعنى: أن (يفردوا) [1] بالموالاة دون المؤمنين، فأما إذا توليناهم وتولينا المؤمنين معهم، فليس ذلك بمنهي عنه. قيل له: إن المراد بالنهي المنع من اتخاذهم أولياء جملة، ونبه تعالى بقوله: (من دون المؤمنين) على أن هذه الولاية يجب أن تكون مقصورة على المؤمنين، ولا تكون مشتركة بينهم وبين الكافرين، فهذا يدل على أن المراد موالاة المؤمنين خصوصا، وترك موالاة الكافرين على كل حال عموما، ثم بين تعالى أن إظهار موالاة الكافرين محرم على المؤمنين إلا عند التقية، وهي:
أن يخافوا على نفوسهم ان تركوا إظهار موالاتهم.
وقد علمنا أن التقية لا تدخل الا في الظاهر، دون ما في الضمير الباطن، لان من خوف غيره ليفعل أمرا من الأمور إذا كان من أفعال القلوب، لا يتمكن من معرفة حقيقة ما في قلبه، وإنما يستدل باظهار لسانه على إبطان جنانه، فالذي يحسن عند التقية إظهار موالاة الكفار قولا بالخلاط [2] والمقاربة، وحسن العشرة والمخالقة [3]، ويكون القلب على ما كان من قبل في اضمار عداوتهم، واعتقاد البراءة منهم، وينوي الانسان بما يظهره من ذلك معاريض [4] الكلام، واحتمالات الخطاب.