غيرها؟، ليعلم من أي النساء يرزق الولد الذي بشر به، فرجع الله سبحانه إليه القول يخبره أنه هين عليه أن يهب له ذلك من العاقر مع الكبر، فعلم أن الولد يكون من امرأته، وهي على تلك الصفة من العقم، زيادة في قدر النعمة التي خولها، والمنزلة التي أهل لها، لا أنه تعجب من كون ذلك، مع علمه بقدرة الله سبحانه عليه، ولكنه على سبيل الاستفهام:
أيرزق الولد من العقيم العاقر أو من الولود الناتق [1]؟.
3 - وقيل فيها قول آخر، وهو أن زكريا لما بشره الله بالولد، تحقق كونه لا محالة، ولكنه أراد أن يعلم كيف يهبه له؟:
أيفعل سبحانه ذلك وهو وزوجته على ما هم عليه: من جلال السن وتصرم العمر، أو يعيدهما إلى حال الشباب ثم يرزقهما الولد على مجرى عادات الناس؟، وذلك كقول إبراهيم (ع) (رب أرني كيف تحيى الموتى) (2) ليزداد بذلك علما إلى علمه، فأخبر الله زكريا بقوله: (كذلك الله يفعل ما يشاء) أنه يرزقه الولد من زوجته، وهما على حالهما من الكبر والعقم، لتكون النعمة أتم والآية أعظم، لأنها جاءت بعقب اليأس من الولد، وكان موقعها منهما فوق موقعها ممن يرجو الولد باقتبال زمانه وعنفوان شبابه. وكان الحسن البصري يقول: عجبا لابن آدم! سأل ربه ان يرزقه الولد ففعل ذلك، ثم قال: كيف ترزقنيه؟ فما جبهه عن حاجته دون ان اعلمه ما سأل عنه، ولم يدر متى يكون ذلك! فأراد أن يرى علامة يعرف بها